أُمْ حَــسَـــنْ

كم هو شاق أن ترى احتضارنفس...و ان ترى جسدا من غير روح...تخرج الروح من الجسد بعد أن تتأوه النفس بسكرات الموت... لحظات الحياة الأخيرة...قصيرة لحظاتها...مريرة ذكرياتها..تتعد الأسباب و الموت واحد..الموت حق ..و رأيت الحق مرتين.. بفقدان عزيز وأخرى رحيل غريب ...
منذ أيام فقط رأيت ذلك الغريب يفارق دنيا..يفارق أحباب..يرحل وحيدا..لا يعلم ما حاله..و ما ينتظره..و هنا تذكرت ذلك اليوم..عندما ودعت أنا عزيزا...
لم تكن تلك الليلة كسائر الليالي..ذهبت للنوم ..و كان شعورا يلازمني..شعور بالخوف..بالرهبة.. ذاك الشعور... ذاك الاحساس..لا استطيع وصفه... ولم ادرك حينها معانيه.. تعوذت من تلك الوساوس..من تلك الاحاسيس ..غلبني النعاس و استسلمت أنا للنوم......روحي متعلقة بين كل زفير و شهيق..أنا نائمة...
أتذكر اللحظة التي فزعت بها من منامي على صوت من كان ينادي باسمي...الساعة تشير للتاسعة تماما ..في عز الصباح الباكر.... نهضت ولا أذكر كيف أقدامي حملتني ولا اتذكر كيف أنني بثواني معدودة و صلت اليها...فقط هناك بتلك اللحظة و تلك الرؤيا أدركت ما كان معنى ذاك الشعور الذي راودني....كان اذان الوداع.. وداع العزيز على النفس ..
ارى جسد بحالة سكون...بلا نبض..بلا حركة...بقلب ساكن...بدات انعاش ذلك القلب...وانا استمع لزفرات لأول مرة أسمعها بحياتي..صوت مميز..حسبته شهيقا...ثم ظننته زفيرا..ولكن سرعان ما ادركت انه ليس باي منهما..صوت ارق حدة ..اطول نفسا ... شابه بمسامعي غصات ..ماكان ذلك الصوت؟؟ ..تجمجم؟؟ تمتمة؟؟..لا.... كان ذاك صوت الحشرجة عندما تتردد النفَس في الصدر عند خروج الروح..
بتلك اللحظة وقعت عيناي على تلك العيون ..لا أعلم لماذا واصلت الانعاش و أنا اناظر تلك العيون..أتأمل اجابة أراها تتكلم تنطق تنظر و لكن بسكون... تودعني.....تلك العيون العسلية..... اعتدت أن أراها منذ طفولتي.. تذكرت من خلالها وبثواني معدودة ....طفولتي..شريط حياتي..عائلتي ..رايت انعكاس نفسي بتلك العيون.. تذكرت أسواق الديرة..يوم الخميس.. أيام العيد..سفرات الصيف.. بيت العائلة..شقاوة الطفولة... .رأيت خلالها عالما مضى و حاضرا أعايشه و مستقبل أجهله.. كل هذا و أنا أناظر تلك العيون مودعة...
لم يهز كياني خروج الروح..و لا توتر الموقف..انما رؤية بؤبؤ العين في تلك اللحظة يزداد سوادا أشد من ليل في يوم محاق.... يزداد توسعا..كدوامة بحر تبتلع المياه..حينها فقط ودعتني تلك العيون و تركت بقلبي بصمة رهبة...كم كانت قاسية تلك اللحظة عندما رأيت عيون العزيز فارغة..لاترى بها انعكاسا و لا تسمع لها نجوى..هنا تجمدت اللحظات...
اخذت الانفس تستغفر للروح عند مسامع الجسد... تطلب لها الرحمة ومغفرة...فرحم الله أعزاء قلبي و أسكنهم فسيح جناته ..وألحقنا بهم مع الخالدين...

وقفة :
يزور الموت بيتك دون استئذان..فلا تدري هل انت ام عزيز قلب هو المعني.. هي ودعت دنياها ونحن حولها..أصواتا تترحم على مسامعها ..فمن يا ترى اخر من ستناظره عيناي قبل رحيلي ؟ هل سأرى أحباب أم أودع دنياي غريبة كذلك الرجل الذي كان ينادي أحبابه فلا مجيب ولا له لهم سبيل.... الروح تبكي على فراق أحبابها حين يأذن لرحيلها ويستعد لتأبينها...ويحول القدر دون التلاقي
..

************************************************
((هو غايتي... هو راحتي ....هو ضنيني..... هو مهجتي بالحب نفسي غمرها ..يا حيف وقت حال بينه و بيني.. و تبددت احلام لحظة سفرها ..واللي انكتب وسط الجبين لا بد لهالايام تكشف خبرها))ا
0 Responses