ارتبطت هذه الخرز في مخيلتي باكتمال الرجولةو عنفوان المعرفة...تلك الخرز شكلت بتناسق تام ما يسمى بمسباح الكهرمان
بحكم سني الطفولي كنت مولع بكل مهارة جديدة... فرز الخرز بين الأنامل..حبه تلو الأخري..أصبحت اهتمامي الأول.. فنون كثيرة علي أن أتقنها قبل أن أجد طريقي في فن التسبيح..
أراقب عن كثب..
أبدي انصياغ تام
اهتمام شديد..
فضول يشدني لأتقن هذه المهارة..
وكانت هذه بداية حياتي مع مسباح الكهرمان...
إنها ثقيلة..صعبة..أصعب مما تخيلت....
أقضي الساعات أفرز تلك الخرز بين اناملي النحيلة...احاول تمريرها بين أصابعي..
قبضة يدي بالكاد تمسك بربع المسباح...حاولت مرارا و تكرار حتى سئمت المحاولة..
.و لكن في كل مرة عبق رائحة المسباح... تلك الرائحة المميزة يشدني ...
فما إن أنجح بفرز حجر واحد حتى تزداد راحة يدي عبقا من رائحة الكهرمان...وهذا ما جعلني أواصل المحاولة ....أن تتلطخ يداي بذاك العبق
كبرت ..وكبر شغفي لهذا المسباح..حتى أصبح خادما بين أصابعي ينصاع مطاعا ..
....أتقنت فنون التسبيح وانا ذوعشر أعوام....
سئمت و مللت.. بدأت أسبح كعادة و ليس كهدف..مسباح يدي أصبح من كماليات حياتي....فلا حاجة لي للقلق فانا للصنعة متقن.....أنا الآن قادر على أن أمسك بهذا المسباح بقبضة يدي ..بقبضة رجل واحد..
أزهو بالمسباح زينة تلف معصمي...لم تعد اناملي تلك الصغيرة ..
أتباهى بما في يدي.....هو لي رمز الرجولة و اكتمال العبادة
و على غفوة .....
قطعت أناملي -تلك من حفظت هذا المسباح- لنصفين...........و تناثرت حبات مسباحي
بلحظة أيقنت ان رائحة الكهرمان لن تعطر يداي أبدا..وأن شموخ الرجل سيبقى أسيرا لمسباحه ما دام سمح لتلك الحبات ان تتوسد القاع. و تطأها الأقدام
سارعت مسابقا ألملم شتات الأحجار..اجمعها من بعد سقوطها..حبة حبة....واحدة تلو الأخرى
خشيت أن أفقد ما كان في يوم هو ملكي ..في قبضتي ..وبيدي...خادما منطاع لأوامري